رواية سيرة القبطية – شيرين هنائي

2023-01-20

“الكنيسة تصعد عن الأرض بضع درجات، فيصعد عدد محدود من الرجال أولًا ليحملوا الأطفال إلى الداخل، ثم يعينون الإناث على الارتفاع.

المطر ينحدر من فوق المنطقة الجبلية، يحمل برفقته الرمال والحجارة الضئيلة. الأطفال يسعلون ويرتجفون. أهرع إلى قلب الكنيسة فأبحث عن أغطية. يتقصى آخرون عن تغذية.

الماء يبلل الأرضية ويجعل القٌعود فوق منها مُستحيلًا. الظلام سوف يكون حالكًا. أهز كشافات الإضاءة فلا أجد فيها زيتًا. متى كانت أجدد مرة صلينا فيها هنا؟

صرخت فتاة، فالتففنا جميعًا إليها، ثم جلب أنظارنا عقرب تجرفه الماء. إلا أن أن الماء يعُج بالحشرات والعناكب والهوام من كل نمط”.

ترفع القبطية عينيها إلى السماء وتسأل الله: أين الطريق؟
ينهار العالم المألوف من حولها. الفيضان من جهة، والأمطار الجارفة من جهة، وجنود الرومان يضرمون النار في قريتها من جهة.

ترفع عينيها إلى السماء وتسأل عن مصير من يتعلقون بنحْرها. ليست قديسة، وليست أميرة. ليست سوى ابنة عظيم القرية التي وجدت ذاتها في العراء، تنتقل على ظهور البغال والمراكب والسفن، تقطع المجاري المائية وتعبر المناطق الجبلية إلى إذ الجليد والموت، يليها آلاف الغرباء، لا يشاهدون فيها سوى شمسًا سطعت الشرقي لتُخرجهم إلى النهار.