رواية زمن عصيب – ماريو بارغاس يوسا

2022-07-07

هل يكمن الزمان الماضي في إفساد شكل الواقع؟ هل يكمن الزمان الماضي في تغيير الأحداث المحددة إلى أساطير وخيالات؟ أيكون هو الزمان الماضي الذي نقرأه وندرسه؟ الأبطال الذين نعجب بهم؟”

يستعرض يوسا في قصته تاريخ رئيس دولة غواتيمالا؛ خاكوبو آربينز الذي يقول عنه إنه «نشد إلى تصرف إصلاحات كان الجميع يحتسبّها حيوية في ذاك الزمن، لكنه أزيح بانقلاب عسكري قاده كارلوس كاستيو آرماس الذي بدوره راح معتدى عليه عملية اغتيال مبهمة لم يدري شيء عن تفاصيلها ومنفذيها، ويرجّح اليوم أن ديكتاتور البلد الدومينيكية تروخيّو كان وراءها».
عن إنجاب رأي الحكاية؛ يقول فارغاس يوسا إنه كان يأكل تغذية العشاء منذ عامين ونصف العام في العاصمة الدومينيكية سانتو دومينغو مع عدد محدود من الأصحاب «…وبينما كنت أتحضرّ للخروج من المطعم اقترب مني فرد وصرح: عندي رواية أريدك أن تسمعها لتكتبها. كان ذاك الرجل يجهل أني لا أتناول في كتاباتي بشكل قاطعً ما يُإلتماس مني أن اتناوله، لكنه أصرّ على سرد هذه الرواية التي سيطرت على اهتمامي، ثم أمضيت العامين الفائتين منكبّاً بلا انقطاع على كتابتها».

هي أزمنة متعبة وليست زمناً واحداً، فهنا نتحدث عن انقلابات واغتيالات وحروب، وكأن الزمان يعيد ذاته، ليس حصرا في المقر ذاته لكن في مقار متنوعة على سطح المعمورة.

مرة ثانية مع يوسا في حكاية سياسية، يبدع فيها مثلما يبدع في مختلَف الألوان الروائية. لمن أحب إحتفالية التيس، معظم التوهم أن وقت عسير ستروق له. هي رواية بلد لاتيني لا نعرف عنه سوى اليسير: غواتيمالا، عن التشاحن على السلطة والتدخل الأمريكي، المؤامرات الاستخباراتية، التحالفات والخيانات، والرصاصة الأخيرة التي تريق دماً ظننا أنه لن يراق.

السرد ايضاً مناظر لإحتفالية التيس إذ يتوثب يوسا ما بين الأشخاص والأزمنة والمواضع، يجعلك تدور برفقته في الثلث الأضخم من الحكاية، حتى لو أوشكت على الكدمة بالدوار، تبدأ المشاهد بالاستقرار وتتمكن من التقاط أنفاسك والإهتمام في مسارات الأشياء. في تلك الكتاب، لا يركز يوسا على قائد شخص، إلا أن يروي حكاية متسلسلة لمجموعة من المديرين، طريقة صعودهم إلى السلطة وترجلهم عنها، ما ارتفع السرد تعقيداً بطبيعة الشأن.

لا تقف جرأة الروائي النوبلي لدى تعيين أشخاص تاريخية حقيقية لخلق موضوع إبداعي، لكن يبلغ به الموضوع إلى ابتكار أفراد قريبة العهد لإثراء الحبكة، والغريب أن معظم الأشخاص لا تستدر من القارئ قدراً كبيراً من التعاطف. غير أنه مع ذاك، يسكن فاعليات الحكاية ويسكن بجانب شخوصها، إذا لم يكن داخلها.