كتاب من وحي الآثار نصوص تاريخية وعلوم أثرية – رضا محمد عبد الرحيم

2022-05-27

تمَكّن توماس أرنولد (1795-1842) أن يلفت الأعين إلى حرفة مأمورية للتاريخ، تعود فى أصولها إلى زمن بعيد، أى منذ مراعاة الطبقة الأرستقراطية بتعليمه لأبنائها بهدف الانتفاع بأحداث الماضى فى مصلحة شئون المستقبل. ولم يكن “أرنولد”بضيق الأفق بحيث يكتفى بالتاريخ السحيق، إلا أن كان يفهم كليا أنه لا مفر من دراسة الزمان الماضي الحوار جنبا إلى جنب مع الزمان الماضي الكلاسيكى، مثلما لم يكن يؤمن بتوزيع الزمان الماضي إلى عهود معزولة بعضها تمام الانفصال عن القلائل الآخر، فهذا الاستمرار وتلك الوحدة تجعل فى الإمكان دراستة القائم فى ضوء الماضى.
ويسعى ذلك الكتاب بواسطة تقديم معالجة ثرية ومتغايرة لموضوعات تاريخية؛ للوقوف فوق التيقن من أخلاقيات توماس أرنولد، وأهمية اتباع أساليبه تنفيذا على تاريخ جمهورية مصر العربية قديما وحديثا جنبا إلى جنب،مثلما تأتى لزوم ذلك الكتاب ايضا، من تجربة الكاتب إثبات أن دراسة الزمان الماضي ليست دراسة معتزلة عن سواها، لكن هو واحدة من بحوث يجمع بينها نسب فرد ،ويتألف من مجموعها معرفة عام هو دراية المواجهة، فالتاريخ فرع من دراية المحفل.
مثلما تأتى ضرورة ذاك الكتاب كذلك من أن مؤلفه محقِّق آثرى درس وعاش ما يقترب من 1/4 قرن فى الحقل الأثرى. ويستمتع بما يعلم بالحاسة التاريخية أو ما يطلق أعلاها في بعض الأحيان، بالعقلية التاريخية،هذه التى تذهب باتجاه في الأساس إلى رد الحدث أو الشىء إلى أصليهما، والتى تحرص على ترصد فترات تطورهما، ذاك الملاحقة يكمل فى صورة زمنية سببية،وبهذا يمكن بلغ الماضى بالحاضر، أو توضيح الحالي فى ضوء الماضى.