رواية جذور عارية

2023-04-08

رواية جذور عارية جذور عارية» عمل روائي حديث للكاتبة الإماراتية مُ. حسنة سيف السالمي (ثقافة للنشر والتقسيم، 2016) حائز على جائزة دولة الإمارات العربية المتحدة للرواية.

وفي ذلك الشغل تطلّ الكاتبة السالمي على مسألة حسّاسة يتكبد منها العالم المرجعي الذي تحيل إليه الحكاية وهي موضوع مجهولي النسب أو اللقطاء؛ فتضيء على جوانب من تلك المتشكلة بتمظهراتها العديدة، وبشكل خاص عدم الاعتراف بتلك الصنف اجتماعياً، والعار الذي يلحق بها، والظلم التالي بالمرأة من قبل عقلية ذكورية تُدين المرأة وتُبرأ الرجل.

– بطلة القصة “غرض” التي هي غرضٌ في البهاء تربت فتاة في كنف عائلة فاحشة الثراء، ترعرعت في منزل عظيم وحيدة والدتها حصة وأبيها أحمد، طفلة مدللة تغار منها فتيات جنسها، ويود بها الرجال لفتنتها؛ فجمالها وحياتها الباذخة، وتفوّقها في دراستها التي أهلتها كلما كبرت لأن تصبح طبيبة أسنان وصاحبة أضخم ترتيب تجميلي للأسنان في “أبو ظبي”، لم تزدها إلّا غروراً وكبرياء في ذاتها حتى اصطدمت يوماً بحقيقة أرّقتها وهذا وقتما أخبرتها السيدة حصة وهي على فراش الوفاة أنها طفلة مجهولة الهوية وأن سّرها يقبع في حاوية أوصت والدتها أن تفتحه لدى دخولها الاتفاق المكتوب الـ3!! – في قراءة الوقائع روائياً، يُمكن القول أن البحث عن الجذور في قليل من الحالات لا يفيد شيئاً، ذاك ما اكتشفته “غرض” عقب بحث صعب عن والدتها كاد أن يفقدها وجودها في الدنيا، فإن كان الإنسان لا يمكنه اختيار والديه، فإنه من دون شك يمكنه اختيار ذاته وأسلوب عمره، فما فائدة حقيقة كتبت في ورقة إذا كانت كلماتها لن تُصلح عاراً التصق بصاحبتها إلى الممات، وبذلك ففي اللحظة التي قبضت فيها “قصد” على الحاوية لم تترد برميه بجميع ما لديها من قدرة في إبداء البحر…!!.

– تقدّم الكاتبة السالمي تلك الوقائع بتقنيات عدّة، تتضافر سوياً في إنشاء حكاية ذات مواصفات متميزة، ومتماسكة، تعكس جودة الكاتبة وشجاعتها في آن، لهذا تصطنع السالمي لروايتها راوية وحيدة تجعلها شريكة في الوقائع، فتجمع بين ري الحدث وبطولته، حيث أنها ليست مجرّد شاهدة فوق منه لكن هي شريكة فيه، سواء من موقع التصرف أو ردة التصرف. والراوية/ البطلة كاتبة روائية تحكي وتعي أنها تسرد، وأنها تكتب، وهو الذي تمظهر في بنية الإهداء وفي سياق الري فيما بعدً: “… إلى “غرض” التي منحتني الاحتمالية، لأعيد مقر أوراق مجتمعٍ جاهل بمفردات الإنسان الحقيقي. وإليكم يا من ستقرأون أوراق ذكريات “غرض”، ورسائلها المبعثرة. أهديكم ذاك المجهود وتلك السطور”.

أما في تقسيم الوحدات السردية على الموضوع، ولقد عمدت الكاتبة إلى تقسيمها إلى أربعة عشر فصلاً بعناوين أساسية توميء إلى أكيد كل وقع، ومهّدت لجميع فصل من الفصول برسالة من مراسلات الشخصية الأساسية في الجهد “قصد”، مثلما أنها استخدمت تسلسلاً زمنياً بين فصل وآخر يرتبط كلٌّ منه بخيط من خيوط السرد.