تحميل رواية تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة

2023-04-20

في أيامنا، خربنا اللُّعب العزيزة العاملة بالزمبلك والبطاريات، امتلكنا اليسير منها، ومع ذاك، دشدشنا النسق الخارجي بالمطارق. فككنا التروس وبعثرناها، وقد كانت الجائزة الكبرى هي قِطع المغناطيس، انتزعناها من أحشاء المواتير مع صرخات المكسب. كنا نربط الكلاب الضئيلة من رقابها بحبال تشبه إتفاق مكتوب المشنقة، قمنا بسحلها في الشوارع، دون ضغينة ضربناها بالتناوب بعصيٍّ منزوعة من أقفاص الخضار الفارغة التي حطمناها قبلها.

أُلقيت القطط من الشبابيك بسبب الفضول، أو دفعناها في وسط المرور والسيارات تمرق حتى نتأكد أنها بسبع ترواح. في ضهريات الصيف الملولة، كانت سدوم وعمورة اللعبة المفضلة عندنا والأكثر تهييج، لعبة عرفتها كل الكتب المقدسة، كنا نجمع أقلام الفيلوماستر الفارغة ونشعل أطرافها، وتنطلق قصف جوي الحنق الإلهي. انهمرت كرات اللهب المنصهر على مستعمرات النمل، وتصاعدت دخنة ثقيلة كالحبر من أجساد الخنافس المفزوعة، تأملناها وهي تحترق بالنار والكبريت، ونقط البلاستيك السائل تتمدد من بركان يتقيأ أحشاءه. ولم يكن في ذاك كله، ولو لمحة من القسوة، كانت تلك طبيعة الأشياء، في المنازل وفي المدارس وفي الشوارع، وفي مختلف موضع أحدث، كانت أيامًا هادئة في أزمنة هادئة.