كتاب لماذا يجب أن تكون روائيا – هيثم حسين

2022-12-16

انهيارات، انتكاسات، حالات جنونية، أحلام وكوابيس، نقائض متعايشة، إدعاءات ووساوس وهواجس ومخاوف، آمال وإحساسات غير ملتقطة، إضافة إلى العدد الكبير من المفارقات التي تضج بها النفس الإنسانية، وتنفتح أعلاها في واقعها وحياتها السرية، تشكل بؤر مقاربة للروائي الذي يرتاد الأعماق ويحاول مراقبة نقط بعينها لتصبح نماذج تتقصى عن أشباه وتقاطعات لها على أرض الواقع.

لا يرتبط قضى سفرية الروائي في النفس بالانهمام بتصدير أو تصوير فضيلة أورذيلة، ولا يرتبط بتعظيم تصرف أو تقزيمه، ولا بتبرئة ناحية أوتأثيمه، إلا أن يكون بحثا عن الغريب الذي يستوطن النفس، والعصري القار فيها، وتجريب غير مشابه السبل لاستكشافها ومجابهة التمويه الذي قد يحجبها عن التعليم بالمدرسة والمقاربة.

لا يتقيد الروائي الرحالة بصور الأمكنة والأوصاف الخارجية، تتفرج عليه يتعمق في تقطيع التركيبة الداخلية للأشخاص، ويكون في تشريحه كالعالم الذي يقوم بتجربة علمية ليأخذ منها الدروس والعبر والنتائج، مع ملاحظة أن الخوض في فعل مساعي متخيلة على الأنفس والدواخل لا يجيء بالنتيجة ذاتها كل مرة، إلا أن هنالك مفاجآت تربض لمرتاد الأعماق في تحليلاته وتأويلاته، وهنا تدور القصة في رحلتها الذائبة في النفس مرة تلو أخرى متحرية عن المستجد الذي يكون بدوره صخب للمبتكر في عالمه الخارجي أوصورة من زاوية غير مرئية له.