كتاب قصص في الحب – جوليا كريستيفا

2022-04-23

يصعب عليَّ المحادثة عن ضروب الحب التي عِشْتُها، مهما أوْغَلْتُ في ذكراها، فلغة الحب، المستحيلة، وغير الموائمة، والتلميحية فوْراً إن أرادت أن تكون الأكثر فورا، إنما هي تحليق في ضروب الإستعارات. وعلى إعتبارها تمتاز بالفَرَادة، فإني لا أقْبلها سوى بإستخدام وجدان المتكلم، ومع ذاك، سأحدّثكم هنا عن صنف من فلسفة الحب… عن ولادات متجدِّدة، على يد مسعى الحب التي تُعَادُ لأجل أن تتجدّد….
بإعتبارها (أي مسعى الحب) الشرط المعاون على التجدُّد المستديم لهذه الحياة وعدم فنائها؟… إني قبِلّ بأن المصير المخصص لضروب الحب التي قطنتُها (ولعله يجب القول: المصير المختص لهشاشتي الشخصية المتخفِّية خلف قناع اليقظة) يتسبب في إستفحال هذا الخلل في خطابي في مواجهة مسعى الحب المتمثِّلة في التشابك اللولبي ما بين الجِنْسانية والمُثُل المتداخلة… ولئن أكّدتُ في الحب على ما يمثِّله من بؤرة للتناقضات وضروب الغموض – أي في آن فرد على لا تناهي المعنى وإختفائِه – فلأنه يمكّنني في تلك الصورة من عدم الفناء التي فوقها الحب، أن أُرْهِف إليه السمع كذلكً. في إندفاع المُحِبّ تَفْقِد الهوياتُ المخصصة حواجزَها، في الوقت نفسه تضمحل دقة المَرْجِعية والمعنى في كلام المحب… تُرى هل نتكلم معاً على الشيء ذاته حين نتكلم على الحب؟… وعلى أي شيء نتكلم؟… تظهر لي تجربة البيان على الحب مُغايِرةً للعيش فيه، غير أنها لا تقل عنه مكابدةً ولذةً إنتشاءٍ، فهل من السخف الحوارُ عنه؟… إنه بالأحرى صفع من الجنون، ذاك أن عدم أمان خطبة الحب وخطابِ المُحبّ ناجم خاصة عن إرتياب موضوعه من دون شك… فعليا، على أي شيء نتكلم؟…