كتاب عراقيون في القلب pdf

2023-02-18

كتاب عراقيون في القلب pdf من عباءة التأريخ نشأ فنّا السّير والتراجم وترعرعا واتخذا منهجاً معيناً، بآراء الناس عنهما عبر العصور،

وتشكلا بحسب هذه وجهات النظر فكانا تسجيلاً للأعمال والأحداث والحروب المتصلة بالملوك والزعماء. ووقتما إزدهار التأريخ

وأضحت له فلسفة خاصة شُغِل المؤرخون بمناقشة سؤال ازدحم في صدورهم هو: هل أن السيرة قسم من التأريخ؟ يشاهد

-شوت ويل- أنه حينما كانت السيرة تعرض للواحد في ظل المجتمع، وتعرض أعماله متصلة بالأحداث العامة أو منعكسة منها أو

متأثرة بها، فإن السيرة -في ذاك الشأن- تحقق غرض تأريخية، وكلما كانت السيرة تجتزئ الشخص وتفصله عن مجتمعه، وتجعله

الحقيقة الوحيدة الكبرى، وتنظر إلى كل ما يأتي ذلك عنه نظرة مستقلة، فإن صلتها بالتأريخ تكون واهية، هزيلة.

على أننا إذا استبعدنا تلك النظرة القريبة العهد، وجدنا أنَّ فن التراجم من جهة عملية حينما كانت الترجمة تعرض للواحد في

محيط المجتمع، وتعرض أعماله متصلة بالأحداث العامة أو متأثرة بها، فإن الترجمة تحقق هدفاً تاريخياً. وكلما كانت الترجمة تفصل

المترجم عن مجتمعه ووطنه، وتجعله المبتغى الأجود وتنظر إلى كل ما ينشأ عنه نظرة مستقلة، فإن صلتها بالتاريخ تكون هزيلة،

إلا أن مبتسرة. لقد نفى مجموعة من المستقصين والمفكرين أنْ تكون السيرة أو الترجمة جزءاً من الزمان الماضي ومن هؤلاء

(كولنجوود) و(توينبي) فهما يطردان من دائرة الزمان الماضي ما يتصل بالسيرة الذاتية كإعترافات القديس أوغسطين وروسو أو

حياة الملكة فكتوريا لستراتشي. يقول أرنولد توينبي: إنَّ تلك الكتب تشتبك بالتأريخ لأنها تدور بخصوص قوم لهم قيمتهم في

الحياة الاجتماعية. وبعد أن أوضح مواصفات بعضهم يقول: إذا علقنا التأريخ بالسيرة وقعنا في الخطأ من إذ الكيفية. خسر أدرك ابن

الجوزي (597 هـ)أن التأريخ متمثل في مجموعة مختلفة من السير والتراجم وهذا وقتما عزم في صدارة كتابه (شذور العقود): (إن

التواريخ وأوضح السير سكون للقلب وجلاء للهم وانتباه للعقل، فإنه إنْ شُرحت سيرة حازم علَّمت حسن الخطة، وإنْ قصّت حكاية مغالى فيه خوّفت من إهمال الحزم).

وفي القرون السابقة ركد فن التراجم وانكفأ، شأن ألوان الفنون والعلوم الأخرى، وحالَما أحتك العالم العربي بالغرب (خاصة عند

انتزاع نابليون لمصر) بدأت النهضة تتسرب للعرب.. وبدأت الرعاية بفني السير والتراجم، ومن الممكن عد أنستاس ماري الكرملي (1866 – 1947) أول مَن عنيَّ بهذين الفنّين، ومن يطالع مجلته [لغة العرب] يلحظ ذلك الانتباه.