كتاب ظل الخوف – سوار ملا

2022-05-05

في كتابه ذلك يكسرُ الشاعر سوار مُلا حدَ العزلةِ، باسترجاعِ طفولةٍ هادئةٍ اختارت الظلَّ ونمت حولها ظلالٌ للخوفِ من العالم الذي يصدر خارجَ أسوارها. وحينَ تغادرُ الذاتُ في وقت لاحقً لتلتقي بذواتٍ أخرى، ستغدو هي الأخرى ذاتاً أخرى، شخصاً أجددَ، تُراقبهُ عيونٌ من خلفِ عتمتها. العتمة التي تُشبه لغز الفزع المبهم، الفزع الذي يقطنُ مسامَنا، ويتحوَّل في غفلةٍ منّا إلى وحشٍ بظلٍّ جسيم.

ستبدوُ التفصيلاتُ الضئيلةُ في “إستمرِّ الرهبة” رهنَ أسئلةٍ وفيرة، وهي تعيدُ صوغَ مشاهدةٍ حديثة للعالم، تنشغلُ بالذكرياتِ البعيدة واختلافِ الأمكنة، ومصارعةِ الزمان، وكيف يُمسي الفزعُ سلاحَ المجني عليهم في مواجهةَ القتلة، والمأساة رفاهية الظالمين، وسنقعُ ونحنُ نقرأ ذاك الظلَّ الواسعَّ على طول صفحاتِ الكتاب، معتدى عليهم الرهاب من كلِّ شيءٍ حولنا: “نحنُ الذين شربْنا من فزعِها/ وخرجْنا بدون رجوعٍ/ عامودا أحدثُ مقرٍ للطمأنينةِ/ وأوَّلُ ساحةٍ للفزع”. يكتبُ سوار ملا.

في يومياتهِ، ومحاولاتهِ المتكرِّرة للتأقلم مع الغربة، أو موضع اللجوء، نكتشف مع الشاعر صيغاً أخرى للخوف، ظلالاً متعدِّدة، وتدريباتَ لا يكلُّ صاحبها في البحث عن الحبّ، عن الجائزِ من الحياةِ في وجودِّ عدم تواجدِ الأحبّة، والأهل، وتجدُّد الرهبة باستمرارً من خسارةِ أحدهم، مع حدوث ذاك، واحتمالِ حدوثه مرَّاتٍ ومرَّات. وعلى الرغم الهواجس والمرثيات سنلتقي ايضاً بإيڤا والجار أوشر، ورفاق الأحلام وأصدقاء الكتابة كمزاجٍ أحدث للشاعر في واقعه اليوميّ وفي كتابه الأضخم.