كتاب ذاكرة الحكائين – أمير تاج السر

2022-07-20

حين طبقت العديد الأمر الذي ذكره كتاب القراءة على سلوكي الشخصي إزاء الكتب، وجدت أشياء ولم أجد أشياء أخرى، فأنا من الصنف الذي يقرأ أكثر من خمس كتب بوقت شخص، وتكون كلها مفتوحة لدى صفحة القراءة، أعود إليها عامتها متكرر كل يومًّا محاولًا إنهائها، ومن الغريب حقًّا إن الأفكار بداخل كل كتاب لم تكن تتداخل، وأستطيع مفاضلتها وتذكرها. ذلك التصرف بدون شك حاضر لدى كميات وفيرة من القراء، ولعله يرجع إلى صعوبة العثور على وقت للقراءة الهادئة المتزنة، أو لعلها اللهفة للوقوف على ما بداخل الكتب عامتها في نفس الزمن.حيثًا القراءة عادات، والقراءة تاريخ طويل من زمن أرسطو طاليس، ومن زمن أن كان إيجاد كتاب، أشبه بالمستحيل، إلى الزمان الذي صرت فيه الكتب إزدحام القاطنين في منازلهم.. أعود وأكرر مستديمًا، بأننا لم ننته من زمن القراءة حتى الآن، ولن ننتهي منه بجميع تأكيد، لأن التقنية العصرية، ما كان لها أن تطلع إلى الوجود، وتطبق لولا أن ثمة من اكتسب المعرفة من قراءة الكتب، وطورها حتى الآن ذاك.

نعم الوهم له خطوط حمراء، ولن يقتنع بأي حال من الأحوال واحد يستمع لعامل يوميات فقير، يقطن حيا فقيرا، في جمهورية فقيرة، يسرد بأنه حل في يوم ضيفا على قصر باكنغهام، وتعشى مع ملكة المملكة المتحدة. أو عيّنه كورت فالدهايم، الأمين العام السالف للأمم المتحدة، مندوبا له، لحل النزاعات في شمال أفريقيا والخليج.

و قد كان لدي قريب، يعمل سائقا في خطوط المواصلات العامة، ولم يطلع من البلاد سوى في أحدث أيامه، بعدما مرض وسافر يفتش عن دواء بالخارج. لكنه كان يروي وبجدية جسيمة، وشكل وجه متهيجة، وفي أي موضع يجلس فيه، إنه كان الصديق الأكثر قربا للنجم يوسف وهبي، ولطالما سهرا سويا في مقاهي حي الحسين والسيدة زينب، وعاكسا بنات رشيقات، وسقطت بنت إنكليزية، صادفاها في يوم، وقد قدمت سائحة لمصر، في حبه، تاركة الفنان الهائل لحسراته، ثم لتبدأ الخصومة، التي هي خلال الحكي، جانب أمامي لأسطورة أخرى سيرويها الحكاء.