كتاب حقيبة مليئة بالضحك – نواف رضوان

2022-04-24

بحسِّه السّاجدد يفتحُ الشاعر حقيبته في وجهِ العالم، غير مبالٍ بأحد، إلى أن بشخصه التي يُعرّيها من كلِّ شيء سوى من صدقها في اللحظة الراهنة وسط الإتلاف. في تلك الحلقة المفرغة بين الوطن الحقيقي، والوطن المحتلّ، بين حياةٍ نعيشها على مضض، وأخرى نَنغمِسُ فيها بدون رجعة؛ يجمع نوّاف رضوان نصوصه في حقيبةٍ ممتلئةٍ بالشعر والتهكم والضحك. وأيُّ ضحكٍ؟ نسمع صراخاً وقهقهةً وعواءً ونباحاً عالياً يصمّ آذان العالم الأبله الغافل عن خطاه وهي تمشيُ بنا إلى الهاوية. لكنّنا لا نسمع وبحسب، إنَّما نشمُّ ونلمس ونقرأ تفاصيلَ يومية لمسافر يتنقّل بين ساعاتِ روتين المجهود وكأس البيرة، بين مهابط الطائرات والمدن المُرهِقة، بين حيفا وجواز السفر، بين صديقته والحانة. وفي أوقات السكون، حين يتوقّف كلّ شيء، لنا أن نتخيّل الشاعر حاملاً حقيبته، التي لها أن تنفجر كقنبلةٍ موقوتة، أو كقبعةِ جذابٍ تغادرُ منها موسيقى خافتة، أحزان ثقيلة، وحكايات لا تنْفذ.
يكتب نوّاف:

الأضواءُ الخافتةُ مُرهِقَةٌ، يا صديقتي، وتلك البلدةُ مُرهِقَةٌ أيضًا. آه، كم أحسُّ بالعطشِ، أنا هذا الرجلُ الذي كلّما شربَ عطشَ أكثرَ، رجلٌ شهوانيٌّ نزقٌ أهوجُ، وككلبٍ وَفيٍّ ألعقُ جسدي كلَّ ليلةٍ، وأنامُ.
يظهر أنني تعوّدتُ أن أكتبَ لكِ، تعوّدتُ أن أفتحَ البيرةَ المنخفضة الثمنَ كلَّ ليلةٍ، وأكتبَ لكِ عن كلِّ شيءٍ، عن البُيُوتِ والمُدُنِ والنساءِ والخمر والحشيش، عن التلفازِ الصامتِ طَوالَ الزمنِ، وعن أنني لستُ آسفًا على ما فعلتُهُ في رقبتِكِ الجميلةِ، وعن بلاطِ الحماّمِ لمنخض الحرارةِ أسفلَ قَدَمَي شاعرٍ مغمورٍ.