كتاب حرب المائة عام على فلسطين – رشيد الخالدي

2022-04-14

يُطراز كتاب “معركة المئة عام على فلسطين: حكاية الاستعمار الاستيطاني والصمود 1917-2017” لمؤلفه المؤرخ الفلسطيني الأمريكي رشيد الخالدي، إمكانية للمسائلة والمراجعة للواقع العويص الذي آلت إليه القضية الفلسطينية في متنوع أبعاده وجوانبه في أعقاب قرن من الموقعة على الفلسطينيين اختتمت باعتراف دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل قائلاً: “رفَعنا أرض الأقصى المحتلة عن طاولة جلسات التفاوض، ولا يقتضي علينا الحوار عنها عقب حاليا”. يُركز رشيد الخالدي في كتابه على ستِّ نقطِ تَحَوّلٍ في التشاحن على فلسطين.

تبدأ تلك الوقائع الستة بوعد بلفور سنة 1917 الذي حاجزَّد مصير فلسطين، إلى حصار اسرائيل لغزة وحروبها المتتابعة على أهل غزة في العَقد الأضخم من القرن الواحد والعشرين. تُسَلِّطُ تلك المراحلُ الضوءَ على الطبيعة الاستعمارية لحرب المئة عام على فلسطين، وعلى دَور القوى الخارجية الذي غير ممكن الاستغناء عنه في شَنِّ تلك الموقعة. يحكي المؤلف “رواية موقعة المئة عام الحكومية” بأسلوب جزئي عن طريق مساعي فلسطينيين عاشوا هذه الموقعة ويَنتمي عديدٌ من بينهم إلى أسرته، الذين كانوا موجودين أثناء قليل من المراحل المنوه عنها. وقد ألحق ذكرياته المختصة عن فاعليات شَهدها بشخصه وأيضا مواد “ملفات” امتلكها وقليل من العائلات إضافة إلى شهود عَيان متنوعين. وقد كان هَدَفه من كل ذاك السَّرد هو تفسير مشاهدته التي يقول فيها: بأنّه يقتضي بصيرة ذاك المناحرة بأسلوبٍ متباين كلياً عن معظم القصص السائدة (…) التي سقيَتْ فيها روايةُ فلسطين في أغلب ما كُتِبَ عنها. قَدَّم المؤلف لكتابه بتعريف يقول فيه: “إن ذلك الكتاب ليس “تَصَوُّراً باكياً” لمئة سنة مَضَتْ من تاريخ فلسطين، اقتباساً من الإنتقاد الممتاز الذي كَتَبَهُ المؤرخُ العارم سالو بارون Salo Baron عن روح الكتابات التاريخية اليهودية في القرن الـ9 عشر. اتُهِمَ الفلسطينيون من طرفِ المتعاطِفين مع الذين اضطهَدوهم بأنهم منغمسون في الإحساس بأنهم معتدى عليهم. وفي الحقيقة، ولقد واجه الفلسطينيون أوضاعاً عصيبة لكن ومستحيلة في بعض الأحيانً، مَثَلُهُم في هذا مَثَل جميع الأهالي المَحَليين الأصليين الذين واجهوا حروباً استعمارية.

مثلما أنهم تعرَّضوا لهزائم متتالية، وكانوا متفرِّقين بالعادةً ولم تتاح لهم سياقة جيدة. ولا يقصد كل ذاك أن الفلسطينيين لم يَنجَحوا في بعض الأحيانً في الانتصار على تلك المصاعب، أو أنهم في أوقات أخرى لم يستطيعَّوا من اتخاذ مراسيم أفضَل. غير أننا لا يمكن لنا تجاهل القوى العالمية والأمبريالية التي تحالفتْ إزاءهم والتي يُهمَلُ ولا يُقدَّرُ مَداها في معظم الأحيان والتي استطاعوا على الرغم منها إبراز إنصياعٍ وصمودٍ يكون له الحق في المدح. أملي أنّ ذلك الكتاب سيوضِّح ذاك المقاومة والمطواعية ويُساعد على استعادة قليل من ما إكتملت تَنحِيَتُهُ وتَجاهله في الزمان الماضي من ناحية أولئك الذين يُسيطِرون على مختلَف فلسطين التاريخية والسَّرد الذي يُحيطُ بها”.