كتاب تلابيب الكتابة – صافي ناز كاظم

2022-07-20

لا أذكر متى بدأت الكتابة، مستديمًا بيدي قلم، حتى قبل أن أعي الحروف أمسكت بقلم وسطرت خطوطًا حلزونية واقتنعتُ أنني كتبتُ كلامًا، ونفذتُ إصراري ليأخذوني أُلقي به في وعاء البريد بنفسي لأتأكد من جديَّة الإتخاذ. أدركتُ -في أعقاب سنين عديدة- متى من الممكن أن يكره الكاتب الكتابة، ومتى يعمد إلى الهرب منها، حينما توصد في وجهه الأبواب، وتُإغلاق النوافذ، وتُإغلاق الدُّروب بالمحاذير، تضحى الكتابة مونولوجًا: حديثًا مع الذات لا يُعطي ميلادًا.فما إن يكلِّفني واحد من بكتابةٍ حتى يدبَّ النُّعاس في أوصالي، وأدفن رأسي في وسادتي القطنية وأُعلن وفاتي، تجربةً الهرب من الحرج من واقعٍ ما زال القلة غير مصرح به: أنني كاتبة صرت تكره الكتابة، كيلت لها اللكمات طويلًا فتكلَّست طاقتها واكتأبت، وقالت: الهدوءُ يليقُ بي.

حين أطمئن إلى استتباب موتي، أستشعر حياةً ترجع بي إلى ظرف التولُّد الفائت للكتابة، فأرفع رأسي وقد بدأ الغزل ينسج خيوطًا أولى، وأجلس، أنهض، أُمسك القلم، أضع الأوراق.

لا تخافي ما يزال بإمكانِك ألا تكتبي..
العنوان.. الطليعة، لا زلتِ مالكةً أمرك، في أي لحظة من الممكن أن تمزِّقي الأوراق. بل لا وجع: ها هي المفردات تتشكَّل وتدفع بعضها القلة. الكتابة تأخذ بتلابيبي، تثأر مني لأنني كنت التي آخذُ بتلابيبها.. وأدقُّ بها فوقَ رءوس عديدة