كتاب الكتابة وقوفاً – حسن مطلك

2022-11-04

بدأ حسن مطلك بذلك الكتاب حال انتهائه من قصته المعروفة (دابادا)، ولم ينهه، لأن وجوده في الدنيا قد اختتمت بإعدامه شنقاً، وبلا شك فإن تجربته في إرجاع كتابة (دابادا) خمس مرات، هي ما دفعته لإرجاع فتح الأسئلة المرتبطة بالأدب عموما وبالرواية بشكل خاص؛ “ما هي الكتابة النثرية؟ لماذا نكتُب؟ مَن هو الكاتب الحقيقي؟ ما نفع الكتابة الأدبية؟ كيف يمكن الربط الإدراكي بين الحياة في المقال والحياة مثلما هي؟ لمن نكتُب؟ مَن القارئ؟ ما القراءة؟”. “إنني أتوخى أن منشأ إلى دراية للرواية على يد أدرك تفاصيلها. متى وكيف ولماذا عليّ أن أستخدم تلك الجُملة وقياساً إلى أي زمن؟”. فكان يدوّن أفكاره ويقرأ ويناقش وجهات نظر غيره، بالتوازي مع مواصلته لكتابة نصوصه الأخرى، ومنها قصته (قوة الضحك في أُورا).

يشغله الصدق مع النفس ومع الكتابة، فهو القائل: “أنا والكتابة شيء فرد”. وها هو عبر ذلك الكتاب، يدلّل لنا على هذا: “إذا كان المسألة يرتبط بمشكلات اللغة ونظامها المتراكب لأمكننا أن نجد عشرات المعايير المنطقية التي افتُضِحت بجهود (سوسير) وغيره، إلا أنها تتعدى ذاك إلى التصرف الحاسم للكتابة، أن تُفنى حياتنا في مشاكل (الحكاية) حصراً”. “فالروائي الحقيقي هو ما يحط احتمالات وحلولاً روائية لحياته، لسلوك قرينته، يطرق باب الجيران على أسلوب وكيفية زوربا، يعشق على أسلوب وكيفية بتشورين، ويصعب فوقه الفصل بين ما يَكتُب أو يَتلا وما يقيم”.

يظهر ما دوّنه باعتبار بوابة بما أن يتمنى الإنشاء له؛ (الواقعية المُطلَقَة)، فيعلن عما أَطلَق عليه: “مشروع لبيان فردي مقابل مناهج القرن الـ9 عشر الأدبية”. ويُسمّي ما وقف على قدميه به: “تأملات” عن إلمام وإدراك، فيقول: “إني لأرجو أن تكون تأملاتي قابلة للدحض، مع هذا لن أرفض التأييد”. وهي تأملات تستحق منا تأملها بجميع جادة ومناقشتها.