كتاب الغربال – ميخائيل نعيمة

2022-07-08

يصل الغربال في طبعته تلك، التسعين من وجوده في الدنيا. إلا أن السنوات، بعكس ما تفعله السنون، لم تزده إلّا شبانًا. فهو منذ صدوره الأوّل سنة 1923، لا يزال إلى أن اليوم، بين مؤلّفات نعيمه الثلاثة والثلاثين، من أوسعها انتشارًا وأكثرها رواجًا.
وتعليل ذاك، من المحتمل، هو أنّ ذلك الكتاب في الإنتقاد الأدبيّ والنظريّة النقديّة، لم يكن يوم صدوره مجرّد كتاب ليس إلا، لكن كان أيضًا وقعًا. هذا لأنّه كان المعمق المصيري في أدب النهضة العربيّة منذ أول القرن الـ9 عشر، بين نهجين أو عهدين اثنين متقاطعين: نظام النيوكلاسيكيّين الطاغي، الذين كانوا يباشرون حاضرهم وقائم أمّتهم الأدبيّ، شعرًا أو نثرًا، من خلال العودة إلى السابق، فيجيء إنتاجهم بإجراء التقليد الصِرف أدبَ طراز بدون أكيد، أو جسمٍ بدون روح، ونهج أجدد هو نمط الحداثيّين الذين إنتهاج نعيمه على عاتقه في غرباله أرسلهم، بحيث يكونون مطلع أجيال لا تطلع من أسر ماضيها فحسب لكن تعمل على جعل حاضرها هي، ماضيًا أبدًا لحاضر حديث.
كان ذاك الكتاب مثلما ما زال تشريع حداثة أدبيّة، وشعريّة على الأخصّ. إنّه ليمكن القول إنّ ما من ناشر أو شاعر عربيّ ذي شأن، إلّا وفي ركن ما من مجمّع مكوّناته الثقافيّة شيء من الغربال.