كتاب التفكير سوسيولوجيا – زيغمونت باومان وتم ماي

2022-12-16

يشكل الكتاب لبنة في ربط دراية اللقاء بالفلسفة الأخلاقية والتأسيس لنظرية سوسيولوجية للأخلاق، وهذا على يد إنتقاد قليل من هيئات خارجية الحداثة السائلة على شاكلة مايكل هرتسفيلد في كتابه عن الإصدار الاجتماعي لللامبالاة. فيبين ذاك الكتاب كيف أن الشركات البيروقراطية باستطاعتها أن إسكات الدوافع الأخلاقية وتعليق المسؤولية الأخلاقية بفضل تكنولوجية المنفعة، “ليس حصرا عند المستوظفين، لكن ايضا خارج حواجز المنشأة التجارية ذاتها. فهي: ي تحقق هذا ليس حصرا بالاحتكام إلى علة حماية وحفظ الذات، إلا أن وتساند ضحاياها واللامبالاة الأخلاقية من ناحية المشاهدين”، وقد يتجلى امتثال استباقي، “فيبذل المجني عليهم قصارى جهدهم لإرضاء الجلادين بتخمين أهدافهم مقدما وتطبيقها بحماسة شديدة، وبهذا الشكل، يمكن لمديري الإبادة الجماعية تحري غاياتهم”.

وقد بين باومان بوضوح تلك المفارقة عن طريق كتابه الحداثة والهولوكوست الذي يأكل فيه وضعية قصوى (الهولوكوست) ليؤسس مقاربة سوسيولوجية لذا الحدث بكونه جزءا من الحداثة، أو وجها من وجوهها، وليس بصفته وضع عام من الشذوذ أو الجنون الناتج عن انحراف عن الحداثة وطبيعتها، ويطور باومان تحليله النقدي في أمثلة أخرى في كتابه الأخلاق في عصر الحداثة السائلة، ويكشف كيف تقوم الحداثة السائلة بتيسير عملية التخلص من الالتزامات الأخلاقية بواسطة المعالجة الإحصائية للأفعال الإنسانية، واختزال الأشخاص إلى محض أرقام، فيفقدون طابعهم ذو المواصفات المتميزة، ويحرمون من وجودهم المستقل بوصفهم والتزامات أخلاقية. أصحاب حقوق

ذلك الكتاب يدشن للتفكير السوسيولوجي عن طريق ذلك الحقل العملي الذي يسمح لنا عدسات يمكن لنا على يدها مشاهدة أنفسنا والآخرين والمجتمع ككل، فينظر للسوسيولوجيا بكونها وظيفة ورسالة تفتقر “مزيجا متوازنا من الثقة بالنفس والتواضع. مثلما تحتاج بعضا من الشجاعة؛ وذلك فإن شرح المساعي البشرية ليس نهج الحياة الذي من الممكن أن نوصي به الحائرين”.