كتاب أوراق القضية 805 مقتل الأنبا إبيفانيوس – سارة علام

2022-07-08

توضح الكتابة عن مسألة مقتل الأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مواضع، كمحاولة السير فى حقل ألغام، متى ما مشيت خطوة تعثرت قدمك في لغم.
القضية التي هزت رأي المجتمع المصري، لم تكن محض مقتل أسقف بين أسوار ديره، إلا أن إن أبعادها التاريخية وتشابكاتها وتعقيداتها تجعل منها لغزًا قد يظل طويلًا، وقد تتكبد منه الكنيسة القبطية المعاصرة سنين مقبلة.
وفي فصل تحت عنوان من سجِل الدم والرماد، رصدت مشاهداتي عن أيام الدم والتفجيرات فى الكنائس وهي مشاهدات لم تسجلها الكتابة الصحفية وربما لم ترصدها عدسات الفضائيات ولكنني اخترت أن أسجلها فى ذاك الكتاب للتاريخ، وكوردة فوق قبور هؤلاء الشهداء.
قد يتساءل القارئ عن الذى يدفع صحفية مسلمة للكتابة في شئون الكنيسة، وهو السؤال الذى واجهته أثناء رحلتي الصحفية فى السنين الماضية، ولم تكن لدي سوى إجابة واحدة وهي أن الصحفي لا دين له؛ حيث أن انحيازه الأضخم والأخير للحقيقة لا لشئ أحدث، ولو كانت الكنيسة قد استهوتني ودخلت في أجندة اهتماماتي منذ أول عملي في الكتابة الصحفية، فلم يكن ذاك بعيدًا عن تكويني ونشأتي في مجتمع نصراني في صعيد جمهورية مصر العربية عضدته بالدراسة والبحث والقراءة فى الزمان الماضي الكنسي واللاهوت والعقيدة، وقد كانت السفرية أشبه بالسير في الصحراء، حينما ظننت إنك قد قاربَت على الوصول لاحت لك مناطق جبلية أكثر عليك العبور من ضمنها لتصل، ولكنني أدين لهذه السفرية بالكثير، خسر علمتني تكلفة الاستيعاب وتكلفة العلم، ودفعتني للتخلي عن العدد الكبير من عاداتي الشخصية السيئة كالتسرع للحاق بمطابع الصحف.
الحقيقة في الملف المسيحي تفتقر إلى تأن وإلى العدد الكبير من القراءة والبحث والتحمل والتحليل، وهي عمل تراكمي لا يجيء الكاتبَ بين يوم وليلة إنما قد يستغرق عمرًا بأكمله، لكن هذه المسعى الصحفية على صعوبتها لم تخلُ من المتعة، متعة الكشف عن جوانب خفية، متعة البصيرة لِكَي الوصول، متعة يتداخل فيها السياسي والتاريخي والديني والاجتماعي بأسلوب يجعل الصحفي أكثر قربا من أي وقت خرج من لما يدور في مجتمعه وهو يشاهد من زاوية نظر قد لا تتوفر لغيره.
لله در الكنيسة التي فتحت أبوابها ولم تبخل علينا بالكشف
ولله در الكتابة الصحفية .. مدرسة الإدراك والكتابة والحياة