أحدث تحميلات الموقع فكر وثقافة وإيديولوجيا كتب السير والتراجم والمذكرات

كتاب أصدقائي الموتى شكرا – محمد جاب الله

2022-04-24

كتاب أصدقائي الموتى شكرا – محمد جاب الله

السّؤالُ البديهي, والذي أسمعُه عديدًا هو: (لماذا اخترتَ أن تكون دكتورًا قانونيًّا؟)، غير أنّ السّؤالَ الجدير بالإجابة هو: (لماذا يقتضي ألّا تكون دكتورًا قانونيًّا؟)

والإجابةُ لأنّك لن ترجعَ الشّخص الذي كنتَ فوقه من قبْل, وستعيشُ ما إنتظر واستمر حياتك معلقًا بينَ عالم الأحياء والأموات.
لأنّك ستتغيّر نظرتُك للأمورِ بصورةٍ ستُزعجك عديدًا.
ولأنّك أبصرتَ أكثرَ ممّا يلزم، وفكّرت أعمقَ ممّا يستأهل،
ولأنّك أيقنتَ أنّ الموازينَ تنقلب في لحظة,
لأنّك ستعلمُ أنّ الموضوعات السّيئة تتمُ عديدًا للشخصيات الجيّدين، وأنّ الشخصياتَ السّيئين ربّما ينجون بأفعالهم السّيئة في العالم على أقل ما فيهاّ
لأنّك ستفقدُ الثّقة في أغلبِ ما يُحيط بك من شؤونٍ تسمعها وتراها, وستفقدُ الثّقة في عديدٍ من الشخصيات, معَ أنّهم ليسوا سيّئين.

لا يقتضي أنْ تكون دكتورًا تشريعيًّا لأنّك سوف تكون صديقًا وفيًّا ومخلصًا للموتى فحسب… إلا أن سيصلُ بك الشأنُ أن تتقمّص شخصياتهم, وتتخيّل كيفَ كانت لحظاتُهم الأخيرة, وسوف تحط نفسك مكانهم.
لا تصبحْ دكتورًا قانونيًّا لأنّ كلّ جُسمان عاينتَها ستطاردُك ذكراها على أن تقتصّ لها… وكلّ مجني عليهٍ أبصرتَها سترى نفسَك فيها حتى إذا أنصفتها… وكلّ جانٍ عرفتَه ستظنّ أنّك قد تصبحُ مقصدًا له, ولأمثاله, على أن لو أدنته.
لا تصبحْ دكتورًا قانونيًّا ولوْ منحوكَ الذّهبَ… فلا شيء سيُعيد لك براءةَ القلبِ وصفوَ الروح إنْ ذهبَا !