رواية قيامة الآخرين – إيمان اليوسف

2022-12-31

ماذا لو فقدت الظواهر الوجودية الجمعية طرازها، لتغدو فردية تتمحور بشأن الأنا بتجرد كامِل؟
تسأل الحكاية ذاك السؤال الفلسفي عبر بطلتها توقيت (هي الراوية أيضًا) التي تصاب باضطراب نفسي بالغ، تشاهد بواسطته جميع الوجوه وجهًا شخصًا ليس إلا لإله إغريقي ملتحي.

أثناء القصة تتحاور البطلة (توقيت) عن تفاصيل فعاليات ساقتها إلى المتاهة الاجتماعية شديدة التعقيد التي تجابهها اليوم. لتتكشف لنا عوامل القيامة الفردية التي تعايشها وهذا بواسطة تفاعلها وشخصيات متنوعة ذُكرت أسماؤها وأخرى من دون أسماء (ثمة علة فلسفي لعدم ذكر الأسماء).

تتجاوز القصة على فعاليات وفيرة منها فاعليات دولة قطر مرجأًا وغزو الكويت وحرب جمهورية دولة العراق وإيران، إضافة إلى تاريخ مساحة جميرا الإماراتية وجزيرة دلما وتجارة اللؤلؤ سحيقًا والغوص.

يجتمع في القصة التهيؤات التراثي والفانتازي إضافة إلى الأساطير والموروث الديني (بواسطة طوفان نوح) وتفاصيل واقعية بحتة اجتماعية وسياسية ونفسية عميقة.

عن طريق عمل البطلة (توقيت) كمصورة فوتوغرافية ومسؤولة عن أرشيف واحدة من الجرائد الإماراتية، تنقل القصة إسقاطات على واقع الإعلام والفن والرياضة وغيرها وعلى قضايا نسوية تصف حال المرأة الخليجية.

تنقسم الحكاية إلى ثلاثة فصول، في الأضخم تبدأ مظاهر واقترانات الداء السيكولوجي بالظهور على توقيت، الصدمة التي يقطن مراحلها القارئ برفقتها لنرى نفوذ هذا على قرينها وولديها وعملها في الجريدة. تنتقل الوقائع إلى تنسيق محفل بالكويت يقوم بجمعها بزوجها الذي تقع في حبه مرة أخرى على يد صوته فحسب تلك المرة، فيما يتحاور الفصل الـ3 عن وضع عام من استفحال الداء السيكولوجي والذي نشاهد تأثيره في مختلف ما حولها، إضافة إلى ذلك تكشف الفزورة خلف مقتل أخيها، عبر كارثة حصلت في مدة طفولتهم وبقيت تنخر في اللأسرة المكونة من الوالدين والمرحوم والشقيقة الكبرى والأختين التوأم، منيرة وميعاد بطلة الشغل.
في فعاليات متسارعة من التشويق وقليل من الغرابة، تفتح الحكاية الباب للكثير من الأسئلة الوجودية أبرزها دور الآخر بنظير الآنا – فإن كان سارتر يشاهد أن الآخر هو الجحيم – فإن الحكاية تسأل، ماذا إذا كان الجحيم أنا؟ ماذا لو وُجد العالم داخلك كينونة واحد فرد فحسب، وكل ما عداه وهم؟ وكيف يكون الطوفان الـ2 والقيامة الأولى؟