رواية فيدياس – أحمد عزت الصباغ

2023-01-26

ها هي سراديب الإسكندرية أسفل أقدامي بعالمها السحري، أكاد أشعر بندائها الخفي، نام الناس في حي المماليك البالي ولم تنَم أرواح أجدادي في هذه الليلة الغريبة، السماء غير عادية أبدًا، أصوات بروقٍ ورعودٍ تلُوح في كون الإسكندرية العجيب، حتى البحر خرج إلى الكورنيش، طوفانٌ لذيذ يتجلى في بهلوانيةٍ ذات مكانةٍ بين جلال رقصاته السريالية العجيبة.

أتمشَّى بانتشاءٍ ورهبةٍ من الطريق الكانوبي -شارع فؤاد جاريًّا- إذُ إنَّني على بُعد ساعة تقريبًا مِن أعظم ميعاد في الزمان الماضي؛ للوقوف على مقر مدفن الإسكندر الأول ضِمن سرداب مسجد النبي دانيال، للقاء “موافي” وهو الرجل الذي يحوز خريطة الجرسون اليوناني “ستيليو كومتسوس” الذي كان يعمل في مقهى أمبريال بمحطة الرمل في الخمسينيات.

هكذا هو فِيدياس يُدهِشك للدهشة، يرميك في أتون مملكته فتثق أنَّه بحرٌ ليس له أمر تنظيمي، هو الخيط الرفيع بين النقيضين فلا هو مجنون ولا عاقل ولا إنسيٌّ ولا جني، هو مزيج من عالمٍ أثريٍ بين ما قبل الزمان الماضي وما بعده.

سأظلُّ أشتاق لها وأحبُّها حتى أحدث نَفَسٍ في عمري،
أفتقِدُها مثلما افتقَدَ فِيدياس أفروديت ابنة الملك زيوس، فمنذُ رآها وقلبه لم يرقص لغيرها، قمتُ إلى صندوقها، ولقد اتفقت أنا وسيلين أن نكتب المراسلات لبعضنا متكرر كل يومًّا بالتاريخ والساعة، وكل سنة نتبادل الكتابات باليوم.