رواية فنجان قهوة بصحبة جاك بريفير – محمد المطرفي

2023-02-27

رواية فنجان قهوة بصحبة جاك بريفير – محمد المطرفي في المكان الفاصلة بين الوهم والواقع في بَعض الأحيان، وعلى تخومهما في أحيانٍ أخرى، يبني محمد المطرفي فاعليات حكايته “فنجان قهوة بمرافقة جاك بريفير” وقصة بطلها، التي يتقاسمها المنام واليقظة. وهما، بجانب التهيؤات والواقع، أساس القصة الممتدة على أزمنة مغايرة، ومواضع متنوعة، واقعية ومتخيلة.

لهذا يظهر بطلها، ذات واحدة من صفاته، أكثر قربا إلى عدّاءٍ لناحية تنقلاته المطردة، والخاطفة، بين تلك المواضع والأزمنة التي تُنسب إلى التهيؤات والواقع والرؤيا، وتتوزع على الحياة اليومية المعاشة، والذاكرة، والمخيلة، والمؤلفات الأدبية التي ترافق القارئ، برفقة مؤلفيها، حتى انتهائهم من قراءة الحكاية.

في ذلك الفضاء الذي لا يدري الاستقرار على هيئة خارجية، أو الركون إلى حيز زمني ومكاني متين، يتناوب محمد المطرفي وبطله على سرد رواية الأخير. الذي تتداعى عمره وعلاقاته العائلية والزوجية والاجتماعية، بإجراء كابوس مريع يشاهد ذاته فيه يُجلد عن طريق مارد عظيم الحجم في سجن لا يدري عنه شيئًا، ولا لأي حجة هو فيه. وبخلاف الأحلام العابرة التي لا يوجد منها إلا مشاهد متفرقة، يلاحق ذاك الكابوس بطل الحكاية، متكرر كل يومًا، حتّى يهيمن على تفكيره وتصرفاته التي توضح، مضاهاة بغيره، تصرفات شاذة تثير نفور الآخرين منه.

لا يجد بطل القصة طريقًا للخلاص من كابوسه إلا تجنب السبات والهرب منه. إلا أن الزمن الذي يقضيه دون غفو، يجعل منه واحدًا انطوائيًا عدوانيًا حادًا يتداخل لديه التهيؤات بالواقع، والمنام باليقظة، بكيفية فوضوية لا يمكن له تملك المفاضلة بين تلك الثنائيات المتضادة التي تتقاذفه على إيضاح القصة.

تحميل رواية فنجان قهوة بصحبة جاك بريفير – محمد المطرفي

هكذا، يعتقد ذاته، بالأخذ في الإعتبار تلك الحالة الحرجة، جالسًا بمعية الشاعر الفرنسي جاك بريفير الذي تمَكّن محمد المطرفي خلق حوارات فطنة لامعة ولافتة بينهما بشأن شتى شؤون الحياة، وفي مقدمتها الأدب سائرًا، والشعر خصوصًا، بجوار الوحدة، والحزن، والبؤس، والوقت، وصعوبة النوم الذي يتبدل إلى نظام حياة وأسلوب في العيش لدى بطل القصة.

ليس جاك بريفير وحده من يحضر في حكاية محمد المطرفي، إلا أن حضوره ذاك هو من يمهد الطريق من أجل حضور أدباء آخرين. فالأرق وما ينتج عن تجارب البطل للهروب من كابوسه، ثم حواراته المتخيلة مع الشاعر الفرنسي، دفعه إلى تأليف “معجم” جمع فيه كل ما هو هامشي لا يلفت الحيطة في أفعال أدبية متنوعة. فيأخذ، كمثال على هذا، من روايتي “العطر” و”الحمامة” لباتريك زوسكيند، شخصيتين ثانويتين ليثبت لنا أنهما شخصيتين محوريتين على الرغم من حضورهما الهامشي والعابر فيهما.

لا يتحدد ويتوقف الموضوع على الأفراد الثانوية فحسب، لكن يشتمل على أيضًا الحيوانات والتفاصيل المالية التي قلما يولي انتباهه إليها القارئ على الرغم من أنها، على ما نشاهده في قصة المطرفي، تفاصيل محورية في قصص مثل “الغريب”، و”مزرعة الحيوانات”، و”شيطان أبد الزمان”، و”المنارة”، و”ليس عند الكولونيل من يكاتبه”، و”مذلون ومهانون”، و”النفق”، و”لحن ماثوركا على ميتين”، و”نمور كافكا”، وغيرها من الإجراءات الأدبية التي تحضر في القصة بكيفية تجيب عن طريقها على أحد الأسئلة: ماذا يمكن له الأدب