رواية جسر الذكريات

2023-04-07

رواية جسر الذكريات هي رواية أم تود الاحتفاظ بذكرى بِنتها حية بعدما ماتت ميتة مأساوية. فتتخذ موقفاً في مواجهة زمن لا ينفك يمُر حتى تكاد تيأس، حتى لو انكبت على دراسة تنويعات غولدبيرغ لباخ على البيانو، أدركت أن الموسيقى من الممكن أن تكون الكوبري الذي يربطها بابنتها.

حيث قلما التقت الحياة بالموسيقى في كتاب على ذاك النحو من الغزارة والوضوح، وقلّما لامس كتاب تلك الأعماق من قبل… ما من شيء أكثر إيلاماً من خسارة واحد حبيب. وما من شيء أفظع من الاضمحلال التصاعدي لذكراه. عقب الهلاك المأساوي لابنتها، ترفض الأم الموافقة بأن يسرق منها الزمن المنقضي ذكرى بِنتها أو يقوم بتشويهها، أو أن تطوي صفحة المنصرم وترجو إلى المستقبل. كلا، فهي ترغب المنصرم، وترغب أن تشاهد بِنتها الحبيبة بجميع تفاصيلها، حية، بنت، طفلة، وشابة.

وعاجلا ما تحولت الذكريات إلى صور متكررة باهتة لا من الممكن أن تثير مراعاة واحد من. لم تكن يمكن لها إخبار واحد من شيئاً عن بِنتها؛ فهي لم تكن تعرفها. فقالت لنفسها غاضبة: “إذاً، فلتكتبي عن هذا”.

ثم ترجع مجددا، ولأول مرة منذ كانت في المعهد الموسيقي، إلى تنويعات غولدبيرغ لباخ، فتشتري الكراسات الموسيقية، وتدون ملاحظات تحدد أماكن الأصابع خلال العزف، وتنكب على دراسة حياة باخ. تعزف تنويعات غولدبيرغ، وهي ثلاثون تنويعة ولحن واجهة ولحن عاقبة، فتحدث الأعجوبة: التناغم، وتعدد الأصوات، والصيغ الموسيقية، والنغمات المتغايرة التي تزخر بها موسيقى باخ، توقظ مشاهد من عمرها مع بِنتها وترافقها، منذ الإنجاب وحتى حفل التخرج، مروراً بإجازة الأسرة مع القرين والابن، إضافة إلى ذلك إطلالات أقوى قرباً على السابق.