رواية تيبحيرين محنة الرهبان السبعة – الحبيب السائح

2022-11-04

«تِيبْحِيرِينْ»! تلك الكلمة الأمازيغية ذات الإيقاع الشعريّ في السمع والتي تعني الجنان أو البستان في لغة أهل الدولة، الذين هم اليوم إقليمي، كانت فِتْنتي الأولى ـ ووحشتي لاحقًا. إنها جنة ضئيلة بخصوبة أرضها ودفق مائها واخضرار محيطها، الذي يغدو في أيام الثلج وشاحًا قدسيًّا، تحضن الدير مثل تبرع أنزلها الإله من السماء ووضعها بين «تَمزْگيدَة»، مناطق جبلية النار هنا، وبين الشّْريعة، مناطق جبلية الأرزّ الفاتن ثمة. فكذلك نما لها، مثل فسيلة زيتون، عشقٌ في مهجتي أنا الذي جئتُ من مساحة القالة في شرقًا، الساحرةِ ببحيرتها مَعبرًا للطيور المهاجرة، وبمينائها ملتقى للغرباء، إذ وُلدتُ لأسرة شاء لها مقدارُها أن تكون من تلك العائلات التي تُسمّى «الأقدام السمراء». فكنتُ، إذاً، فرنسيًا بالولادة، لتكون دنياي عامتها بهدف أن أنتهي جزائريًا بالهوية.

على سعادة، في غدٍ من الغدوات، حيث خرجت إلى البستان لأجني سلّة من المشمش استعدادًا لتحلية الغداء، شاهدتُ في العادي القريب تلك البقرة التي ترعى وحدها، أحسبُها تنظر ولا تشاهد. وغير بعيد عنها ذلك الراعي الذي يحمل عصًا وحلُمًا كان سيرجع به لدى ميَلان الشمس صوب مغيبها قائد سيارةًا غنمه إلى الزريبة، مثلما تصرف الأنبياء موسى والمسيح ومحمّد.