رواية تندوف – إدريس يزيدي

2022-12-31

تلك المرة لم يتبقَّ للسجناء شيء من مؤونة الصليب الأحمر. ألبسة لا تتناسب مع مقاساتنا، شرابات للشتاء القارس، وملاءات عددها قليل.. ذلك كل ما ميزة عن المواطنين. وضعها العسكر في موضع يبعد عنّا أكثر من مئة متر، صرح لنا مدير السجن، كَريكَا:
– ليس من أخلاقي أن أفاضل بين السجناء، هي هنالك، تسابقوا إليها.
كانت أولى تبعات ذاك التسابق أن يبذر الحقد بيننا. معظم السجناء مرضى وكهول، وهم أحوجنا إلى تلك القمامة. كانت أسمالهم اهترأت ليس من قوة الاستخدام لاغير، كان القمل قد نهشها.. وقد كان علينا أن نتسابق.
كنا نعرف مكرهم، إلا أن الاحتياج هي ما دفعت بنا إلى الركض على طول الطريق الذي سطّرته إشارتهم. الشمس عمودية، تهرق لظىً حاراً على رؤوسنا، كأنه يوم الحشر. الأكوام تظهر بعيدة.. كنا نجري، مخلفين ذيلاً عملاقاً من الغبار الرملي، كأنه لوحش لا يسكن سوى في تندوف.
لا تنتظري أن أكون قد بلغت وسبقت واحد من العساكر.. هؤلاء مدرَّبون، أما أنا ولقد بلغت الأخير، وكل حصتي كانت فولاراً أزرق كذاك الذي كنت تفضلين. غير أن لم تكن به رائحتك.. لقد جريت لأحظى بنصف المتعة”