رواية بلا ظلال – حسن علي طوبتاش

2022-10-28

ان يعتقد أن تلك القرية أقصى قرية عن الله وعن البلد، وبعد هذا؛ بصرف النظر عن أنه كان يدري أنه لن يشاهد شيئاً فإنه حينما انتصب قدحه كان يحدق في المنحدرات المدفونة في الظلام توق إلى الارتفاع إلى أعلى نقطة فيها وبصيرة المقار التي تقبع وراء الغابات والهضاب والمراعي. ثم آب ببصره إلى البسيط ونظر طويلاً إلى خط الأفق الذي يعطي الإنسان إحساساً بعدم الوصول إليه بشكل قاطعً.

ثم عقب هذا، عبرت من فكره سحابة آراء سخيفة، فمثلاً راودته منظور هدم هذه المناطق الجبلية بغية يستطيع الله من مشاهدة تلك القرية أو على أقل ما فيها بغية تتمكن الجمهورية من منفعة رأسها والبصر إلى تلك القرية ولو مرة واحدة. حتى الآن ذاك، تاب لحظياً معتقداً أنه قلّل من عظمة الله؛ حيث همهم حيث تمتم بكل أسماء أنبياء الله الذين يعرفهم من صاحب تجارة وحداد ومصارع ودكتور؛ وربما لم يكن ثمة من سبب للشرب بذاك القدر، فالدولة اليوم أو يوم غدً ستأتي بشخصها دون انتظار مناشدة من واحد من وستنشر قوّتها في قلب السهول، وسترفع علمها في واحد من تلك المقار وستتمم وجودها، ثم بعدها ستأتي وستنتصب في مواجهة مكتب المختار. ومن غير شك أن الكهول سيكونون الأكثر تعجباً في مواجهة تلك المعجزة التي ستقع فجأة؛ وهذا لأنهم سمعوا منذ طفولتهم أن قنوات الروي ستفتح.

كانوا يتحدثون بذاك منذ سنين. حتى بوقت الانتخابات، قيل إن عدد محدود من أعضاء مجلس ممثلي الشعب كانوا يأتون إلى البسيط ويتجادلون بشأن ما إذا كانت القنوات يتوجب مرورها من هنا أو من هنالك، وربما كذلكً كانوا يقومون بتحديد أماكنها بواسطة تثبيت الأوتاد وجر الخيوط. وطبعا لم ير واحد من من أهالي القرية الرجال الذين جاءوا إلى البسيط. والحقيقة أنهم لا يمكنهم مشاهدتهم؛ لأنهم ما إن يسيروا على الطريق على أن يبلغوا إليهم يكون أولئك قد ركبوا سياراتهم وعادوا إلى العاصمة.