رواية الهاوية pdf

2023-02-18

رواية الهاوية pdf في عزلتها المختصة ضِمن بيتها تستعيد «بوليا» بطلة قصة «الهاوية» للكاتبة التيشكية بيترا هولوفا – دار «الكتب خان» – ذكريات زواجها وانفصالها بالطلاق، وعلاقاتها بعشاقها الذين انسحبوا من عمرها، ومشاكل أبنائها الذين دخلوا إلى عتبة المراهقة. تتذكر علاقاتها بزملائها في الوسط الأدبي، وقت أن كانت تحلم بعالم متباين، وتطمح إلى أن تكتب أدباً حقيقياً، ومع مرور السنوات وتقدمها في السن يخسر جميع الأشياء في حياة بطلة القصة سعره الحقيقية، لتكتشف فجأة وبعد فوات الأوان أنها أصبحت أسيرة ضعفها وجنونها وخيباتها المتراكمة. واختارت بيترا هولوفا، تقديم أحداثها باستعمال معدلات متداخلة من السرد، معتمدة على المزج بين اللغة التشيكية والمفردات العامية. وهي ترسم شخصيتها دون التخفي خلف قضايا كبرى، وعبرت عن دواخلها بيسر، عن أحلامها المهدرة وطموحاتها المبتذلة في حياة يومية عادية.

رواية الهاوية

وتواصل هولوفا في تلك القصة رسم عالمها الذي قدمتها في حكايات سابقة، فهي تغوص في أغوار الصلات المتعلقة بحياة وقصص إناث بائسات، وقد عملت بتأنٍ وروية على نطاق رحلتها مع السرد في أعلن أركان حيواتهن، وتتبع ظروفهن القاسية والمعاناة التي يلاقينها متى ما تقدمن في السن بلا أن يحققن شيئاً الأمر الذي كن يحلمن به ويتمنينه.

وإذا كانت هولوفا قالت في قصة «ذكرى جدتي» عن حياة ثلاث حريم، ولقد أكلت في «الهاوية» بطلة واحدة، تحس بالضياع وتدمن الخمر لِكَي تتأقلم مع عجزها عن الانخراط في الحياة، وهو الذي يجعلها في الخاتمة تدخل في عدد كبير من الحالات الهيستيرية. مع إزدياد الوقائع، تتورط «بوليا» في صرعات مع ذاتها، وتنتابها هلاوس تجعلها تخاطب قراء وهميين من شرفة منزلها… تصرخ في المارة، وتتخاصم مع قوم مجهولين، وعن طريق المحادثة الدائر بينها وبينهم ترسم مشاهد متعددة ترتبط بعالمها القائم، وشذرات من السابق. وحكايات من علاقاتها المخصصة. مثلما تصف ايضاً مواقف ليس لها مبرر، يحار فيها القارئ،

رواية الهاوية – بيترا هولوفا

فلا يعلم لو كانت البطلة المدمنة تعتقد ما تحكيه، أم أنها تعيشه واقعاً. لكنها على الرغم من الأوهام والتخيلات التي تستغرقها تستمر عندها ثوابت، غالباً ترجع إليها، وهي تنحصر في أولادها، والمسؤولية إزاءهم. بل الشيء الذي يحز في ذاتها شعورها أنها لم تتمكن من أن تجمع بين رعايتهم وبين طموحها في أن تكتب عملاً أدبياً يجعلها تحس أنها على قيد الحياة.

وتعتمد الكاتبة في تصوير تلك الوقائع على لغة ملفتة للانتباه ذات طبيعة تصويرية، مثلما تستخدم «التناص»، والأقوال الساخرة الشرسة. ويظهر أسلوبها تلك القصة بشكل خاصً مبتكراً في النثر التشيكي المحادثة، فهي تستخدم جملاً غير في الحال، وتلجأ لخطاب تتدفق أثناءه الأفكار والذكريات والعواطف والملاحظات الشخصية والمونولوجات الداخلية، التي تتراكم كلها بالتدرج، ممتزجة بتعبيرات وتركيبات لغوية معقدة جدا تنتظم في مقاطع طويلة من المونولوجات الداخلية التي تذكرنا بالمنسوجات المنمنمة التي طول الوقت ما تشي بتمهل وجلَد وقدرة الإناث وطبائعهن الآدمية.