رواية القليل – هاكان جونداي

2022-10-28

كانت في السادسة من السن وقد كان فوق منها أن تموت وهي في ذلك السن. لم تكن تجاسر وتعدي على إشاحة نظرها عن هذه الحشرة. ترتعد أوصالها من قساوة الفزع وهي تنظر إلى سقفٍ تصل مساحته مكان حقل من حقول عبّاد الشمس، ولم تكن تشاهد فيه إلا هذه الحشرة. حشرة بمقدار حبة ضئيلة من حبات عبّاد الشمس. سيقانها دقيقة، تظهر مع الشعيرات المحيطة بها كأنها كرعان، أما مجساتها فكانت دقيقة هي الأخرى مثلما إن كانت رموشاً مريرة. صورة حشرة، بقعة شديدة السواد تصبغ البلوك الإسمنتي بجسدها الراكد مثلما تصبغ الظلَّ الحالك محولة إياه إلى بقعة رصاصية داكنة. بنفس اللون الذي تخضلت به عينا البنت الضئيلة من أثر الرهاب. كانت قد قربت البطانية إلى ذقنها وراحت تعتصر حافتها بين كفيها المبتلَّين.

تفكر متى تسقط الحشرة على وجهها. كانت تنام في الطابق العلوي من سرير حديدي لا طمأنينة فيه. تصل المسافة بينها وبين السقف أدنى من متر شخص. طبعا كان فوق منها أن تتأخر في الاستيقاظ من السبات. كان فوقها أن تفتح فمها إلى آخره حينما تنام وقد كان على الحشرة أن تتجاوز من ضمن أسنانها. أو من الممكن كان فوقها أن تسقط أولاً فوق البطانية وتتواصل هكذا تدب فوقها لبعض الزمان ثم حين تحس بالجوع ستطأ وجهها الضئيل وتدخل في شخص من منخريها، لتمزق أي شيء يعترض سبيلها. رفعتْ رأسها لثوانٍ ليس سوى ونظرت إلى الأيمن في مسعى منها لأجل أن تعرف كم هو تزايد موضعها عن معدّل الأرض. غير أن ثانية واحدة لم تكن كافية لتلبية وإنجاز تلك المسعى. ولم تكن قد رأت الأرضية حتى أدارت عينيها إلى الحشرة خشية أن تضيع من مرمى نظرها.