رواية السيد العميد في قلعته – شكري المبخوت

2023-01-01

من الروائي ذو قصة “الطلياني” الحاصلة على جائزة البوكر العربية. قلعة الأحرار لم تكن كالقلاع شاهقة الإنشاء خسر شيدت في تقشف حاد لا يثبت أن ذوق معماري رفيع فجاءت متمثل في بناءات مستطيلة متوازية من غير أي تزويق أو بهرجة وزخرف. كانت قلعة منعزلة في الخلاء كالقلاع المعروفة، بيد أنها لا تشرف على شيء ولا تحتاط من إنقضاض جائز، ولا تجابه خصوم، ولا تدخُل معارك في مواجهة غزاة حقيقيين يطمعون فيها.
وبصرف النظر عن ذلك كله، فإنها قلعة إجراءًا. فالقلاع لا تكون قلاعًا سوى بأسرارها وناسها، وخصوصًا بعجز من هم خارجها من دراية مسالكها ودهاليزها وخفاياها أكثر الأمر الذي هي بهندستها وطرازها وحجارتها وصلابتها ومناعتها وشموخها.

إنها مثال ناطق عن لعبة إعتقاد وإيهام يصدقها الجميع في نطاق القلعة وخارجها، فيقتاتون من كذبة ساحرة شيقة وهم يلوكون سرًا مبهمًا محيرًا. لهذا سأروي لكم شيئًا من ذلك السر وعدد محدود منًا من حياة ساكني القلعة وتردداتهم وحيرتهم، وبطولاتهم ونذالتهم، وإخلاصهم وخيانتهم، وحروبهم وهزائهم، وإخفاقاتهم وانتصاراتهم.
إن الدهليز المخيف لا يتواصل مرعبًا إذا نزلنا إليه واعتدنا ظلمته الحالكة، والشعاب المخوفة لا تتواصل خطيرة إذا دخلناها وخرجنا منها سالمين.