تحميل كتاب الالتفات إلى ألم الآخرين – سوزان سونتاغ

2023-10-28

تحميل كتاب الالتفات إلى ألم الآخرين – سوزان سونتاغ

سوزان سونتاغ شخصية متشكلة بحق -على حسب ما توفره لنا مجموعة مواقفها السياسية أثناء مسيرتها الثقافية منذ حقبة الستينيات. فهي، ومنذ الافتتاح بواسطة إعلائها للصوت الرافض لحرب أميركا على فيتنام وزيارتها لهانوي خلال اشتعال الاشتباكات العسكرية، وصولاً لحرب بلادها الأخيرة على جمهورية دولة العراق التي سجلت تجاهها موقفاً رافضاً لمبدأ المعركة نفسها، كانت ذات فاعلية ونفوذ إزاء معركة التصفية العرقية للصرب مقابل البوسنة وسراييفو. فلقد سكنت في البلدة المحاصرة خلال ثلاث أعوام -إلى حد ماً- إذ نهضت بطرح مسرحية صموئيل بيكيت الأشهر “في انتظار غودو” على مسرحها، رائية مع سكانها على أن حصار البلدة لا يبدل دون حق الإنسان من التلذذ بفن المسرح.

إلا أن ذاك لم يحرم عنها الرأي الناقد المادي نتيجة لـ مطالبتها لبلدها ولحلف الناتو التدخل في المعركة. فليس هنالك وجهاً واحداً فحسب لذا التدخل (على حسب القذف والمذابح ورفع الحصار) إلا أن يعتبر وجه أحدث مستقبلي وخطير، وهو شرعية التدخل للدول والتحالفات الكبرى في مصائر البلاد والمدن الأصغر والأضعف -وإن بحجج بشرية وذرائع أخلاقية.

يمكن اعتبار سوزان سونتاغ في إطار مجموعة الإنتقاد والرفض الأكثر بروزاً في نطاق أميركا لسياسة إدارتها الخارجية، ومن ثم تتسق في أكثرية مواقفها مع الرمزين الأشد وضوحاً: إدوارد مبتهج، ونعوم تشومسكي، إلا أنها، مع ذاك اختلفت مع الأكبر في رضاها لجائزة فلسطين المحتلة عام 2001 التي كان من ضمن أعضاء اللجنة المانحة الثلاثة شمعون بيريز، ونهض بتقديمها رئيس بلدية البلدة المحتلة أولمرت، الأمر الذي اضطر واحد من الكتاب البوسنيين (امييل الكالاي) لأن ينتقدها على ذاك، على الرغم من إسباغ مجينته (سراييفو) لقب مواطنة شرف على سونتاغ محتجاً غير صحيح سياسياً وأخلاقياً. مثلما أن مطالبتها بالتدخل أثارت جملة اعتراضات أكثرها أهمية لب الحالة الذي يحمله تشومسكي من تلك الشأن.

إلا أن ذلك ليس إلا واحد من أبعاد تلك الشخصية، في سونتاغ واحدة من أكثر النماذج الثقافية الأميركية طوال النصف الـ2 من القرن الفائت حتى اليوم. فهي التي فتحت نوافذ الثقافة الأميركية على المعطى الثقافي الأوروبي ومدارسه وأغناها، وهذا عبر مجموعة نصوص المادية الآخذة بأسباب ومستجدات الثقافة الأوروبية ورموزها الفكرية والسينمائية والأدبية، بحيث باتت رابطة الوصل في منتصف القرن. مثلما أنها صاحبة محاولة روائية وقصصية لافتة، وأيضاً صانعة لـ 4 أعمال سينمائية ومسرحية، وروائية لا تضاهى لنفوذ الصورة الفوتوغرافية في الحياة المعاصرة.

تحميل كتاب الالتفات إلى ألم الآخرين – سوزان سونتاغ