تعتبر رواية “غيهب الحياة” للكاتب السعودي زايد المرزوقي، إحدى الأعمال الأدبية الهامة التي تنافس بجدارة في سوق الكتاب العربي. من خلال روايته هذه، تجرد المرزوقي من كل الدعابة والتهكم التي غالبا ما يستخدمها في أعماله الأدبية السابقة، واستطاع أن يكتب عن الحب، والألم، والفقد، بأسلوبٍ متقن ومؤثر.

تتحدث الرواية عن قصة حب بين شاب وفتاة، يجمعهما حبهما للفن، حيث تحلم الفتاة يزن بأن تكون راقصةً احترافيةً، ويحلم الشاب أيمن بأن يصبح موسيقيًا مشهورًا. لكن ينقلب الوضع عندما يصاب يزن بمرضٍ خطير يُعرف بتليف الكبد، وتجبرها الظروف على ترك حلمها وعلاقتها بأيمن.

تدور أحداث الرواية في سياقٍ اجتماعيٍ يمثل الواقع المرير في المناطق العربية، حيث تظهر العديد من القضايا الاجتماعية المهمة كالفقر، والعنف المنزلي، والجريمة، والفساد. ويتخذ المرزوقي من هذه القضايا قاعدةً لحبكة الرواية، ويعرضها بشكلٍ يبعث الحزن والأسى في نفس القارئ.

مما يميز الرواية بشكل خاص هو أسلوب كتابة المرزوقي الحُمَل بجماليةٍ وابداعيةٍ تُضفي على النص طابعًا فنيًا يزيد من رونق قصة الحب العاطفية التي تحمل الرواية. ويستطيع المرزوقي ، في بعض المقاطع النثرية ، توظيف خياله وشغفه بالفن، ليعرض جانبًا آخر من شخصية الأبطال الرومانسيين، وهذا ما يجعلها قريبةً جدًا للقارئ، الذي يشعر بأن الكاتب يتحدث بلسانه مباشرةً.

كما أن من الأشياء التي تبرز في الرواية هي تغير المدى الزمني والمكاني، حيث إن المرزوقي يتباين من خلال العمل بين فتراتٍ زمنيةٍ ومكانيّة مختلفة، مما يزيد الرواية إثارةً وتشويقًا، ويتيح للقارئ فهم العمل بشكلٍ أكثر شموليةً.

مع ذلك، تبقى القصة الرئيسية تتكئ على الفصول التي تتحدث عن الحب والفن، وعدم تحقيق الحلم الذي يجمع الحبيبين. ومن هنا يمكن النظر إلى الرواية على أنها تحاول أن تعلم الناس أن أهم شيءٍ يجب أن يتمتع به الإنسان هو الحُلُم والمثابرة، وأن التوقف عن الحلم، هو ما يحدث في حياة الكثر، وهذا هو ما يزيد من قيمة واهمية العصر الذي نعيشه، حيث يتعين علينا جميعًا أن نبذل قصارى جهدنا من أجل تحقيق أحلامنا ومتعة الحياة.

وبشكل عام، فإن رواية “غيهب الحياة”، تعد من الأعمال الأدبية الجديرة بالاهتمام والاطلاع، فإنها تتحدث بطريقة مؤثرة عن العديد من القضايا الاجتماعية المهمة، التي تعرض صوراً واقعية للحياة، وتتحدث عن المحبة والحب ومكانته في حياتنا، والأسباب التي تمنع تحقيق أحلامنا. ومن خلالها، تُثير الرواية الوعي الاجتماعي وتدفع المجتمع إلى بذل المزيد من الجهود من أجل تحقيق التغيير وتحسين أوضاع الناس.