تحميل رواية سماهوي – حسين المحروس

2023-04-16

تحميل رواية سماهوي – حسين المحروس في “سماهوي” تسكنك اللحظة المنسية الموسومة بالألم، لكنك لا تفقد الرابطة بالتراب، فالمحنة فيك وحدك وأنت تهاجر بصحبتهم بذاكرة الجهات، مع المهاجرين صبر على كتفيك القرى والمدن، تتقن فن العزلة في سياق الانتماء. شأنك أن ترجع والموت كله في رأسك، فأنت لن تهاجر مع الرجال بأجسادهم وبحسب إلا أن بالمنطقة والزمان ورائحة البحر، ستصلي طاهرا فالبحر سجادة المهاجرين، هنالك وفاة فارق ينتابك في قصة السلوم، الألم، هجرة الروح وما يفعله الغشاوة والغياب، تتقصى عن خزنة أم الوطن لا تدري!

لا فرق أن تغرق سماهوي من الألم والماء ونخلها باسق للهلاك مرات وافرة، لا ضير من دعاء مصلوها لبسوا الأكفان سهوا فكان لازما أن يعّيد الدم غدرا وعذرا، أكثر ما يتقنه الحزن أن يخلق قبرا جماعيا يكون أكثر تأقلم من المنفى.

إناث سماهوي خلقن واقفات، ولو جلسن تبور الأرض ويغور الماء ويموت البحر، فالوقت مليء والفراغ نكرة، السيدات في سماهوي لا تمرض ولا تموت، باستثناء إن الهجرة من دون حناء، عطر أو “مشمر” هو موتهن. من الممكن يتم إقامة العرس عقب الإنجاب خوفا من الفداوية، جو الحياة يتناوب فيه عدم الحضور والحضور، مغامراتهم الوحيدة هي الهجرة في السلوم.

لما آب عيسى من منفاه كان لا يتحدث ولا يتناول، لاغير يتناول ذاته، كانت مصيبة الرجوع قبل الهجرة سامة، أفرغت ذاكرته وأعطبتها باستثناء ذكرى السلوم وموته في ذاته، كله ما يتذكره أن الدهر في المنفى كله له، لا واحد من ينازعه، ذلك كان وجه المنفى: هو وحده، ألا يكون حبيس ذراعي امرأة تستل منه مرارة عدم الحضور بدفئها. خرج عيسى من قريته خائفا، ورجع عقب ثلاثين هجرة خائفا من الهلاك في بلاده غريب، رجع والموت كله في رأسه مختمرا ومات عقب شهرين.