تحميل رواية حصن التراب

2023-05-04

تحميل رواية حصن التراب في الأربعين يومًا الأخيرة، كان والدي فعليا قد ودّع الحياة. كان مضيفا تعليقاًا في الطقوس ما بين الحياة والحياة الأخرى. كان برفقتي بجسدٍ ولكن روحه كانت طائرة. بعينين غائمتين، كان يحدثني. بعينين غائرتين، كان يستحضر تاريخًا لم أعرفه من قبل. أو كنت أعرفه ولا أعرفه. تاريخًا كنت أتطلع إليه كأنه لا يتبع لي. كأنه يتبع لي. أتطلع إليه مثلما أتطلع إلى ختم مستدير بخصوص سرتي. أتطلع كمن لديه بل دون حرية الإجراء. كملك لا يقضي. ختم أخضر يحمل هويتي، كأنه الترياق في مواجهة سم الخسارة. كأنه الفقدان مقابل سم الهوية”.

عن طريق أسرة محمد دي مولينا، سعي خلف “حصن التراب” واحدة من أهم المآسي البشرية التي غير ممكن عدم تذكرها: محاكم التفتيش الإسبانية وتهجير الموريسكيين. إننا في مواجهة قصة تتوسل التخييل والتاريخ غير الأساسي والموثق والرسمي لكتابة حياة شخصيات عاديين فرضت عليهم السلطة (السياسية والدينية) أن يختاروا ما بين التنازل عن دينهم أو التهجير، ثم لم يسلموا من المقاصل والألم، ثم لم يسلموا من الطرد بزعم أنهم عرب ومسلمون، ثم نُبِذوا في الأرض القريبة العهد بمبرر أنهم مسيحيون إسبانيون. إنها ملحمة أبطال مهزومين دفعوا حياتهم في موقعة صدام ديني/سياسي لم يختاروها.

في قصته العصرية، ومتابعةًا لمشروعه الروائي، يطرح أحمد عبد اللطيف سؤالًا شديدًا بشأن التشدد في الرأي الديني، وهو سؤال بمقدار ما يمثّل المنصرم يمثّل الحالي، ويجسّد أسئلة انفجرت مع الربيع العربي وتضعنا مجددا في مواجهة معضلة الهوية. ومع حساسية المضمون، يتوسل المؤلف مظهرًا روائيًا لم يحدث من قبل، يتكيء فيه على المقطع المرئي والموسيقى، ليس حصرا كمؤثرات سمعية وبصرية، لكن أيضًا كمكمّلات سردية لخلق وضع عام من الشجن الرهيف، موقف تليق بمنافسة مبتورة مثلما تليق بهزيمة بطولية.