تحميل رواية العاصي

2023-04-22

تحميل رواية العاصي “كان له اسم يشبه الرواية”. هكذا ختم سائد سلامة قصته “العاصي” التي سبقته الى الحُسقيّة ليضعنا وجهاً لوجه في مواجهة بورتريه لرجل شجاع عاشق لأرضه ولوطنه ولحريته، كيف لا؟ ولا سيما أن الراوي يختصر البطل، فالاسم يشبه الرواية، كونه هو الرواية ايضاً. سائد سلامة هو المقدسي ابن منطقة جبلية المُكبّر، واحد من الوجوه الثقافية والإبداعية والسياسية للحركة الأسيرة. أول أعماله مجموعة قصصية “عطر الإرادة”. واحد من زعماء الحركة الأسيرة، المناضل ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻫﺏ، الديناميكي ﺍﻟﻁﻤﻭﺡ ﺩائماً ﻭﺍﻟﻤﺘفائل بأي حال من الأحوالً، الخلوق بشكل كبيرً، المبدئي الذي لا يهادن، يقارع السجان بمتانة ويتحدى القيد ويتصدى للممارسات الفاشية كالحرمان من الزيارة والعزل الانفرادي الذي تعرض له غير مرة.

إنه الإنسان العاصي والسامي الذي جعل وجوده في الدنيا متعلقة بالحرية ذاتها كطراز وأسلوب للحياة. فقرر أن يكون له صوت خاص في وجوده في الدنيا، وأن يتعرف إلى ذاته في ما إجراء وصرح أو ثبت له من قبل مجتمعه، ردات الإجراء التي صقلت لديه الثقة بالذات، فكانت سيرة العاصي في مواجهة الانصياع، ترصد حركة تاريخ على يد الجماعة ودورها وإزاحتها عن التصرف، ليعيد تجهيز صلة البدن بالمنطقة والروح بالمنطقة، يسير ويختفي، في مطاردة شخصية وجماعية ممتدة من العصيان إلى وراء القضبان.

لهذا نجد أنفسنا في مواجهة حكاية حيّة، مفعمة بالحقائق المدهشة، وبتعابير وصور ممتازة ولغة رشيقة تمتاز بغزارة وقاع العواطف المشبعة بالحس الآدمي العميق، الذي جسّدتهُ في سرد لسيرة بطلها “ساري” الذي ينشأ ذاته بالقول …

“العدالة ليست حاجزّاً بين كفيّن متساويتين إلا أن هي وجهٌ فرد لا يرتكب الانتهاكات” ليعلن الاحتكاك المضاد مقابل الانتزاع، والانحطاط والخضوع واللامبالاة وحالة الاستسلام والعجز الداخلي.

إنها بحق، سرديّة تصرف الرفض، في مواجهة السرديات القاتلة، سردية البحث عن الحياة والحب والأمل وإيجاد الذات وخلق النفس في معركة حامية الوطيس، لقتل الروح والمعنويات وتشويه القيم وفرض السيطرة على الدراية وكسر الإرادة ووضع حاجزّ لها.

قصة تُمظهر إضافة فائقة لأدب الصمود، لتأخذ مقرها في تصارع السرديات، تصارع لا يخلو من النقائض، ولو كانت مهرّبة من السجن، لكنها تكتب أدب الحرية بإجراء وبأسئلتها الأعمق، وبجمالية فنية، تكرس سرديّة الضحيّة في وجه سرديّة الجلاد الاحلالية والمضادة.