تحميل رواية إمرأة في الثلاثين – أونوريه دي بلزاك

2023-12-15

تحميل رواية إمرأة في الثلاثين – أونوريه دي بلزاك

يعتبر أونوريه دي بلزاك بين أشهر كتاب الحكاية قاطبة، فعلى يديه اكتمل تغير الحكاية من بحت “رواية” أو سرد لأحداث حقيقية أو وهمية إلى تشييد فني متكامل يزخر بالحياة والأحداث، ويخضع لمعايير فنية بديهية. وليس أدل على مرتبة بلزاك الأدبية من أن أعماله قد تجاوزت منذ أمد بعيد إطار الأدب الفرنسي ونقلت إلى العدد الكبير من لغات الإنس، فهو – إلى جوار شكسبير وديكنز – أكثر الأدباء نشرا في متنوع اللغات. ومن الغريب أن تتطلب المكتبة العربية إلى أكثرية مؤلفاته. وهي الحكاية التي يظهر أن الكاتب قد اختار بطلتها على يد المراسلات العديدة التي كان يتلقاها من حريم في سن الثلاثين، وخصوصا هذه التي برزت في مواجهته بشدة شخصيتها. ومعظم التوهم أنها كانت شديدة الحظوة عند الناس. وقد تمَكّنت محاولة حكيمة أن تقنع بلزاك ـ وقتما قابلها ـ باستقرار مبادئها، وقد كانت أصل إيحاء فيما يتعلق لأغلب مواقف العنف التي تخللت حياة السيدة “ديجيمون” ضِمن تلك الحكاية. فهذه المرأة “ديجيمون” في الثلاثين تسكن نضجا عاطفيا وفكريا وجسديا، كانت قد تزوجت في سن ضئيلة بضابط ضخم وأنجبت منه ولدا وابنة لكنها عاجلا ما تكشفت رغبتها الحقيقية التي اعتملت في أعماقها، ولتعيش أوجاعا ومآسي وتغرم بدبلوماسي شاب صغير في مقتبل العمر يطلق عليه شارل ديفاندينيس.

لذلك يتتبع بلزاك حياة تلك المرأة ويوفر للقراء قصة استثنائية تفكك النسيج الاجتماعي وتسائل الأخلاق والطقوس الاجتماعية والنفس الآدمية بجرأة عميقة، إذ حياة المرأة الثلاثينية بين ضغوط المجتمع وعاداته وإكراهات لها وبين عشقها وقلبها المفتون بالحب والتوق إلى التحرير. ونستطيع أن نلمح على الرغم من رِجل المدة التي كتبت فيها وعنها الحكاية سوى أنها مازالت تجسد عينة عما تجابهه السيدات، وخصوصا أولئك الثلاثينيات، وما يعانينه من تناقضات وثنائيات تفرضها عليهن البنية الاجتماعية التي لا تهتم للواحد بمقدار اهتمامها ببنائها السطحي الزائف فلا سعر للذات في وسط الجماعة ولا ضرورة أحلامها ورغباتها وهواجسها وأفكارها، وهو الذي نعانيه كذلك اليوم على الرغم من التقدم الكلي العارم الذي شهدته الآدمية وعلى الرغم مرور زيادة عن قرنين منذ صدور القصة سوى أنها ما زالت معبرة عن الثلاثينيات ولو باختلاف شكلي في القضايا بين الأمس واليوم.