تحميل رواية أسفار النسيان

2023-04-18

تحميل رواية أسفار النسيان خبط فهمي الرِّيدي كفًّا بكفٍّ وهبَّ واقفًا. إعزاز ذراعه ولوَّح بيده ثم صرح: «هل تعرف أنَّ الحقيقة ما هي سوى إسترداد تجميع الواقع في الأدمغة؟ ولذلك ففيها ترجيحٌ لكفَّة السابق، وأنا للأسف ضاع مني ذاك السالف». سألتُه سادَّا يعني بكلامه، فشرد بعيدًا ثم ابتسم ابتسامةً هشةً وتحدث: «لو كانتِ الحقيقة لا وجودَ لها سوى بينما حدث إجراءًا، فما جدواها؟».هل حارب فهمي الريدي مِن أمهل مَنْ جلسوا وراء مكاتبهم يتحيَّنون إمكانية الاغتنام؟ أم أنه قاتَلَ لأجل أن يتسلَّط واليٌ على العباد؟ أم حارَب بهدف طغيانِ تأويلٍ بال؟ فهمي لم تغطِّ النياشينُ صدرَه ولا علا صيتُه بين أقرانه، بلَّه رجع سالمًا لينزوي في مهنة حكوميَّة طفيفة. يقول إنه صبر راضيًا ما أسقطته الأقدار على عاتقه. يسألُنِي عن مصير الدولة وأهلها إذا لم يقاوم هو ومَنْ برفقته ولم يصدُّوا عدوًّا عاتيًا.

أربكني سؤالُه. فأهلُ أيِّ بلدٍ يشير إلى؟ أيتحدَّث سادَّن أفسدوا في الأرض، أم عن الذين هاجروا بهدفِ حياةٍ مريحة، أم الذين عسَّرُوا ظروفَ العباد، أم الذين اشتهوا حلاوة الحرمة، أم الذين سكتُوا ورَضُوا بقليله؟ يقول إنه حارب بهدف البسطاء من أهل ذلك الجمهورية. لكننا لم نَعُد نشاهد من هؤلاء البسطاء سوى قلَّةً تاهت وسط جموع المُتناحِرين، ومَنْ إنتظر واستمر من بينهم لا يحسُ بأنه يتبع إلى ذلك الوطن منبعًا. باللهِ عليك يا فهمي مَنْ تهدف بالبُسطاء؟ هل هم من هتفوا في المجال مطالبين بأبسط الحقوق، أم مَنْ هَوَوْا فكرهِرَّاوات فوق الرؤوس؟